قلم حر

أحراج عكار تحتَ رحمة “قُطاعِها”عرابي: تحت حجة التشحيل يتم القطع دون حسيب او رقيب

داني القاسم

في كلّ عام من فصل الصيف، تبدأ عمليّة قطعِ الأشجار المُعمرة القديمة في أحراجِ عكّار من قبل عدد من المجهولين الذين يعمدون على قطعها بشكل عشوائي. وتعود الأسباب تلك إلى الإستفادة من تلك الأشجار خصوصاً في فصل الشتاء.
عمليّة قطعِ الأشجار ارتفعت بشكلٍ يوميّ حيث بلغت نسبة القطع حوالي 90% ما يعني أن أغلبية المواطنين في المناطق الجبليّة يعمدون على شراء الحطب على قولهم أنه الأوفر لهم، أمّا الـ 10% الباقون همّ من يسعون الى شراء المازوت للتدفئة رُغم إرتفاع سعر صفيحة المازوت الى حوالي 20 دولار.

وعن عمليّة قطع أشجار سنديان، يقول محمد عرابي كبير خبراء التنميّة المحليّة وعضو مجلس إدارة الحركة البيئية في لبنان وعضو مجلس البيئة في القبيات ان قطع الأشجار المعمرة والحرائق باتت ترقى إلى الجرائم المنظمة التي تحظى برعاية الجهات النافذة في السلطة والإدارة المحلية، تارة بحجة ارتفاع كلفة المحروقات وتارة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة من دون أن يعي المواطن بأن ما يقطعه اليوم من غابات سيدفعه غاليا على صحته اختناقا بسبب الحر الشديد بفعل التغير المناخي الحاصل اثر القطع والحرائق وتراجع المساحات الخضراء، كذلك سيدفعه نقصاً في المياه للشرب ولري المزروعات وفي ما قد ينجم ايضا من فيضانات وكوارث بيئية بالجملة.

وتابع عرابي قائلا لقد عاش أجدادنا واباؤنا كاصدقاء للطبيعة، حموها فحمتهم، حتى وصلت إلينا اليوم، لكن ما يحدث اليوم ومن خلال مشاهداتنا أثناء المسير الجبلي Hiking في احراج بلدتي عين يعقوب وبزبينا من قطع ممنهج ومنظم للغابات المعمرة من السنديان والصنوبر والعفص في كروم السماقة والشقدوف كذلك على حدود بزبينا مع بلدتي تاشع وممنع، وعلى مرأى ومسمع رؤساء البلديات ومأموري الاحراج كذلك الشرطة البلدية، أمر يدمي القلب ويجعل كل مستقبل الأجيال القادمة في خطر صحي وبيئي واقتصادي واجتماعي داهم، لأن البيئة الطبيعية بكل مكوناتها هي مصدر الحياة، فالطبيعة تستطيع العيش من دون الإنسان لكن الأخير لا يستطيع العيش من دونها، مشيراً الى ان من يقتل فردا هو مجرم بالتأكيد، لكن من يقطع ويحرق الغابات فهو من كبار المجرمين ويوازي كبار مروجي المخدرات واجب الكشف عنهم والتعامل معهم ومع من يغطيهم ويرعاهم بحزم ودون تهاون فهو كمن يقتل شعب باكمله وبلد بأسره.

وعن الجرائم يقول عرابي انه يجب وقف الجرائم الحاصلة بحق غابات عكار بشكل عام وفي بزبينا وعين يعقوب بشكل خاص، ووقف كل المشاريع التي تشرعن القطع تحت ستار التشحيل، والعمل على تمويل مشاريع التشجير بدل التشحيل، والبحث مع الجهات الممولة عن بدائل عملية توفر مواد للتدفئة وبأسعار مقبولة، بالاستفادة، على سبيل المثال، من كل الفضلات الزراعية بدل حرقها دون جدوى والتي تكون غالبا سببا للحرائق الكبرى التي تخرج عن السيطرة.

وعن عمليّة التشحيل شرحَ عرابي بان التشحيل يخفف من الرطوبة، ويقتل كل الحيوانات والنباتات البرية التي تعيش على بقايا الأوراق والاغصان المتراكمة بين الأشجار وهذه جريمة بحق الغابات التي عاشت ملايين السنين دون تدخل من الإنسان، وعندما يدخل الإنسان يبدأ الدمار على كل الاصعدة ، وتحت حجة التشحيل يتم القطع من دون حسيب ولا رقيب.

ووجه عرابي نداءً الى وزارة الزراعة بوقف إعطاء رخص التشحيل والقطع والفحم طالما لا إمكانية للرقابة من قبلها ولا من قبل السلطات المحلية التي تتواطأ غالبا ضد مصالح مواطنيها وناخبيها، والدعوة إلى تشجيع المحميات والسير والتخييم في الطبيعة وجذب السياح في إطار السياحة البيئية التي تشكل بدورها مصدر دخل اضافي للسكان المحليين يساعدهم في توفير سبل العيش الكريم بانتظار التعافي الاقتصادي الوطني، كذلك الامر، وقف الرعي العشوائي وتخصيص مساحات محددة لذلك، لأن الرعاة يقطعون قمم الأشجار لقطعانهم لتعويض النقص في المراعي، لأن الغطاء النباتي الصالح للرعي يتراجع سنة بعد سنة بسبب التغيّر المناخي الذي يحصل أيضا بسبب القطع والحرائق…

وناشد عرابي الناس والبلديات التنبه لمخاطر ما يحصل اليوم لأن الثمن سيكون غالياً لاحقاً وسيدفعه أبناؤكم، وتعلموا وعلموا أولادكم من كتبهم المدرسية ومن كتاب الدين عن أهمية البيئة والطبيعة. وما يقال للبلديات، ان تغاضيكم عما يجري من قطع واجرام بيئي قد يكسبكم اليوم أصواتا انتخابية واتباعا، لكن انتبهوا فقد يأتي اليوم الذي لن تجدوا فيه شيئا لتديرونه لا مياه ولا مناخ ولا طبيعة ولا ناس غير المرض والكوارث والأزمات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى