الشرق برس ٢١ ابريل ٢٠٢٣
شكل الموقف الفرنسي الجديد من موضوع رئاسة الجمهورية ومفاده أنّ باريس “ليس لديها أيّ مرشّح في لبنان” تطورا جديدا ينتظر ان يعيد رسم المشهد السياسي في الفترة المقبلة. ويتعين انتظار مزيد من المعطيات والمعلومات لتبين الدوافع الكاملة وراء هذا الموقف وحقيقة المجريات التي تمر بها المشاورات المتصلة بملف الازمة اللبنانية.
وفي هذا السياق كانت وزارة الخارجية الفرنسية اكدت أنّ باريس “ليس لديها أيّ مرشّح في لبنان” لرئاسة الجمهورية، وذلك بعيد حديث وسائل إعلام لبنانية عن دعم فرنسي محتمل للوزير السابق سليمان فرنجية لهذا المنصب الشاغر منذ ستة أشهر.
وبحسب “وكالة الصحافة الفرنسية” قالت المتحدثة باسم الوزارة آن- كلير لوجاندر خلال مؤتمر صحافي امس: “على اللبنانيين اختيار قادتهم”، في إشارة إلى الرسالة التي بعثتها باريس في الأشهر الأخيرة. واكدت المتحدّثة أنّ “على الجهات اللبنانية تحمّل مسؤولياتها وكسر الجمود السياسي لانتخاب رئيس جديد بسرعة”، قائلة انّ الشغور “يلقي بظلاله أولاً على الشعب اللبناني”.
وأضافت: “يتعلّق الأمر بانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة مع كامل الصلاحيات تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاجها لبنان والشعب اللبناني بشكل عاجل في مواجهة الأزمة الخطيرة التي يمرّان بها”. وأشارت الوزارة إلى أنّ فرنسا تجري “اتصالات كثيرة مع الجهات السياسية لبنانية”.
وكتبت” النهار”: بما يشبه سكب المياه الباردة على الرؤوس الحامية، جاء النفي الفرنسي المفاجئ لدعم باريس ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ليثير مزيدا من التخبط واللغط اللذين يطغيان على المشهد الداخلي واللذين كانت “النهار” اشارت اليهما امس كعلامة فارقة تواكب تصاعد “صراع الرهانات” في لبنان عقب الهجوم الارتدادي الذي تتولاه الجهات الداعمة لترشيح فرنجية منذ زيارته الأخيرة لبكركي واعلانه منها بيانه الترشيحي.
واذا كانت التساؤلات الأولية تمحورت داخليا حول انعكاس “تبرؤ” باريس من أي تورط في دعم أي مرشح، كما اكدت الخارجية الفرنسية في موقفها المفاجئ امس، فان ثمة تساؤلات أخرى لا تقل أهمية ودلالة أثيرت لدى أوساط سياسية وديبلوماسية من ابرزها: لماذا تأخرت باريس الى البارحة في وضع حد حازم لتوظيف اسمها في السباق الرئاسي اللبناني ولم تبادر الى ذلك قبل الان؟ وهل ثمة عوامل خفية اصطدمت بها باريس بجدية حاسمة في اندفاعها نحو تسويق معادلة دعم ترشيح فرنجية في مقابل تعيين نواف سلام رئيسا للحكومة وقيام حكومة إصلاحية أدت الى نفيها الرسمي لدعم فرنجية ؟ والاهم ما هي حقيقة مواقف الشركاء الأربعة الاخرين لفرنسا ضمن خماسي الدول المهتمة والمتابعة للازمة الرئاسية اللبنانية وهي الى فرنسا الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، من “المبادرة” او الوساطة الفرنسية؟ وهل فعلا حصل أي تغيير إيجابي في الموقف السعودي من ترشيح فرنجية ام ان هذا الموقف لا يزال على تحفظه الثابت من لعبة الأسماء ؟
بحسب التفسيرات الغالبة لبنانيا، يبدو الموقف الفرنسي نتيجة حذر شديد من توريط باريس في التوظيفات السياسية المضخمة التي سادت الساحة الداخلية في الأيام الأخيرة منذ اندفع الفريق المؤيد لفرنجية في تسويق وتعميم هجوم مضاد محوره الزعم بنجاح فرنسا في انتزاع مرونة متقدمة من السعودية حيال ترشيح فرنجية. اذ ان ذلك رتب محاذير على باريس ودورها ان لجهة الانعكاس السلبي على ما يدور حقيقة في كواليس المشاورات بين دول الخماسي، او لجهة “النقزة” المتعاظمة لدى جهات لبنانية عديدة تصنف تقليديا وتاريخيا في خانة أصدقاء فرنسا حيال ما باتت تراه هذه الجهات من انحياز وعدم موضوعية في الدور الفرنسي، وهو امر صار ينذر بعواقب غير مسبوقة على هذا الدور وفعاليته المحتملة. ويرجح ان تكون هذه المناخات وراء استدعاء باريس لسفيرتها في بيروت ان غريو في الأيام الأخيرة وتزويدها بتوجيهات جديدة قبل عودتها الى بيروت في الأيام القليلة المقبلة.
وكتبت” نداء الوطن”: في ظاهر الامور، ما زالت باريس في مربع الضاحية. وفي باطنها، تردد أنّ مسؤولين سعوديين عبّروا عن انزعاجهم من الأسلوب الفرنسي في مقاربة الملف اللبناني، في ضوء الإلحاح الذي يمارسه الفرنسيون لإقناعهم بقاعدة المقايضة القائمة على الضمانات، فيما يبحث السعوديون عن شراكة متكاملة لا تقتصر على منصب رئاسة الحكومة.أما في واشنطن، ووفق معلومات “نداء الوطن”، فلا يرى بعض المسؤولين الأميركيين أنّ الاتفاق السعودي – الإيراني سينعكس رئيساً من قوى 8 آذار في لبنان. ويذهب هؤلاء إلى حدّ القول، إنهم متأكدون من ذلك، وإنّ المملكة العربية السعودية، وحتى في تقاربها مع سوريا لن تسلّم ورقة رئاسة الجمهورية إلى الممانعين.
وكتبت” اللواء”: ولحظت مصادر سياسية ان المرشح الرئاسي فرنجية، المدعوم من ثنائي امل- حزب الله أرجأ او ألغى اطلالته الاحد المقبل مع برنامج «وهلق شو» على قناة الجديد، ليحل مكانه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ضيفاً رافضاً للمرشح فرنجية او سواء المدعوم من قوى 8 آذار.
وقالت اوساط مراقبة لـ«اللواء» أن الموقف الفرنسي الذي صدر عن وزارة الخارجية يستأهل التوقف عنده وعند توقيته لاسيما تأكيده أن باريس «ليس لديها أيّ مرشّح في لبنان» لرئاسة الجمهورية، وذلك بعيد حديث وسائل إعلام لبنانية عن دعم فرنسي محتمل للوزير السابق سليمان فرنجية لهذا المنصب الشاغر منذ ستة أشهر.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن هذا الموقف المعلن يحمل في طياته إشارات متعددة أبرزها عدم الخروج عن ثوابت ما صدر في اجتماعات خارجية سابقة لجهة أن «على اللبنانيين اختيار قادتهم». ودعت «إلى انتظار ردود الفعل على هذا الموقف والذي ترافق مع دعوة الجهات اللبنانية تحمّل مسؤولياتها وكسر الجمود السياسي لانتخاب رئيس جديد بسرعة».
ورأت أن البيان جاء بعيد زيارة رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية إلى بكركي ومواقفه ولاحظت أن لا مبادرات جديدة في الملف الرئاسي والحراك حوله لم يتقدم بأي شكل ولولا زيارة فرنجية لكان الملف في جمود كلي.
وعليه، فحسب دبلوماسيين في بيروت ان ترشح فرنجية دخل فعلياً في «المرحلة الرمادية» بانتظار بلورة حصة لبنان من التسويات الكبرى، ويلاحظ هؤلاء ان فرنسا انكفأت الى الغرف المغلقة، بعد الاعلان عن ان لا مرشح لها للرئاسة، ونفضت يدها عما يحكى عن تسوية نلحظ انتخابات الرئاسية وتسوية رئيس الحكومة الاصلاحية.
وكتبت” الديار”: ان البند الوحيد المطروح للنقاش هو «المقايضة» المطروحة فرنسيا، فرنجية –سلام، لكن الفرنسيين شعروا برهبة «حرق المراحل» ويسعون لانضاج «الطبخة» لا حرقها ولا يرغبون باي استفزاز علني لاي من القوى الاقليمية المعنية وفي مقدمتها السعودية وكذلك واشنطن التي ابلغت مساعدة وزير الخارجية بربارة ليف وفدا نيابيا لبنانيا يزور واشنطن ان بلادها ترفض تدخل اي دولة في الانتخابات الرئاسية. والى ان تتضح معالم المناورة الفرنسية الجديدة، تعود موسكو بعد عطلة العيد الى زخم الاتصالات الداعمة للتسوية الفرنسية وقد نوقش الامر على مستوى وزراء الخارجية مع السعوديين فيما تبدو الدوحة وحيدة تبحث عن خيار ثان يبدو متعثرا في غياب القدرة على جمع المعارضين لفرنجية على اسم واحد لوضعه فوق «الطاولة»، بعد تراجع الرهان على امكان تسويق قائد الجيش العماد جوزاف عون.
واذا كان «خصوم» فرنجية قد تحمسوا للبيان الفرنسي، فان المتحمسين والداعمين لرئيس تيار المردة يشعرون بان ظروفه باتت افضل بكثير بعد اتفاق بكين والزخم الفرنسي القائم حاليا، لكنهم يفضلون التريث كما رئيس مجلس النواب نبيه بري المتفائل جدا، لكنه يجدد التاكيد امام زواره على قاعدته الذهبية «لا تقول فول ليصير في المكيول». اما على الضفة الاخرى، فبرزت اشارات لافتة من القوى السياسية الرافضة للتسوية وآخرها ايحاء «معراب» بامكان تأمين النصاب لجلسة انتخاب فرنجية اذا ما تغير الموقف السعودي، وذلك من خلال ابقاء «الباب مواربا» وعدم حسم الجواب النهائي مسبقا فيما يجري رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع مروحة اتصالات تشمل الرياض ليبني على الشيء مقتضاه في اطلالته الاعلامية الاحد المقبل. فيما تبقى»العين» على موعد القمة العربية المزمع عقدها في السعودية في ١٩ أيار المقبل، كمحطة مفصلية في الاستحقاق اللبناني
ووفقا لمصادر مطلعة، فان الموقف الفرنسي العلني ليس مفاجئا ولا يغير من حقيقة ما يقال فرنسيا في «الكواليس» مع كل الاطراف اللبنانية، لكنه يعكس «امتعاضا» فرنسيا من تسريب مضمون الاتصالات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولا ترغب في حرق المراحل. ولهذا لا ترى المصادر، ان ذلك يعني تراجع باريس عن دعمها لمقايضة رئاسة فرنجية برئاسة حكومة يتولاها نواف سلام، وانما صدور هذا الكلام مرده الى عدم رغبة الفرنسيين بالظهور على نحو «فج» بعد الاعتراضات الصاخبة من القوى المسيحية الرئيسية، وكذلك لا تريد باريس ان تتحمل مسؤولية فشل التسوية في حال لم تتمكن من تسويقها، ولهذا تراجعت «خطوة الى الوراء» لفظيا فقط، ولا تزال المبادرة على زخمها، مع العلم ان فرنجية ليس مرشح فرنسا وفي هذا قالت الخارجية الفرنسية الحقيقة!