الشرق برس /خاص
بقلم حسن علوش
لم تأت المصالحة السعودية الإيرانية صدفة أو فجأة، بل هي نتيجة جهود استمرت لسنوات طويلة وأسست لها دبلوماسية المصالح المشتركة وحسن الجوار التي رسمتها سلطنة عمان، وتابعتها جمهورية الصين الشعبية وصولا الى يومنا هذا.
لقد كان لسلطنة عمان الدور الأبرز في إقناع قيادة دول مجلس التعاون الخليجي بضرورة البحث عن المشترك مع “الجارة إيران” والبناء عليه بدلا من التحول الى وقود لمعرك ليست من مصلحة شعوبا وبلداننا. وهذا الموقف تمايزت فيه السلطنة منذ العام 2013 وما قبل ذلك، عندما لعبت دورا في الوساطة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية ولتي أسفرت عن “اتفاق جنيف” بين طهران ودول ال 5 + 1 في تشرين الثاني2013.
وكان ذلك مؤشرا على موقف السلطنة الثابت، رغم تعثره أو تأخره مرات بفعل التطورات الميدانية ووهم غلبة طرف على آخر في النزاعات القائمة في أكثر من بلد عربي، ومنها الملف اليمني الذي أولته السلطنة إهتماما خاصاً، حيث لعبت السلطنة دورا للتقريب بين القوى اليمنية بالتوازي مع جهودها لتقريب وجهات النظر السعودية – الإيرانية، حيث تمثل طهران الداعم الأول للحوثيين.
ولطالما عبرت المصادر الرسمية العمانية عن تفاؤلها بأن تتكلل جهودها بحل الملف اليمني على صعوبته، مشددا على أن الأمر سيأخذ بعض الوقت.
وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية العُماني يوسف بن علوي قد أعلن في 9 تشرين الثاني 2014 “أن بلاده تسعى للتقريب بين طهران والرياض بترحيب من الطرفين،
لكن كل شيء في وقته”.
وتابع “هناك قناعات بأن مستقبل هذه المنطقة ينبغي أن يكون في حسن الجوار، وحسن الجوار يحتاج تنظيما للمصالح”.
ومن المحطات البارزة ايضاً مواقف لوزير الخارجية العماني بدر بن حمود البوسعيدي بتاريخ 14 ايلول 2021، رفعت منسوب التفاؤل بشأن عودة مفاوضات السلام بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
وأعلنت وزارة الخارجية العمانية حينها عن اقتراب استئناف المحادثات السياسية بين الأطراف اليمنية، مشيرة إلى أنها تعمل على مساعدة اليمن للوصول إلى الاستقرار.
وقال البوسعيدي في تصريحات تلفزيونية إن سلطنة عمان تسعى إلى تقريب وجهات النظر في الأزمة اليمنية، مؤكدا أن دور بلاده في الأزمة هو المساعدة، وأن الحوثيين لم يرفضوا الجهود العمانية.
وعبر عن قناعته القوية بوقف الحرب اليمنية ودفع المسار السياسي، معتبرا أن من واجب بلاده مساعدة اليمن على الاستقرار. ولم تكن السلطنة لتقوم بهذا الدور لولا إشعارها مسبقاً من طهران والرياض بأنهما يدعمان مسعاهما داخل اليمن لما له من إنعكاس ايجابي على استقرار المنطقة بأسرها.
وتحول هذا الملف الى مادة عمل شبه يومية لقيادة السلطنة (لقاءات علنية وغير علنية واتصالات هاتفية مع الأطراف المعنية) حيث شهد الموقف العماني بعد تسلم السلطان هيثم بن طارق سدة الحكم في سلطنة عمان خلفا للسلطان قابوس بن سعيد، تحولا حذرا من ناحية لعب دور معلن في الملف اليمني، تمثل في إرسال وفد أمني إلى صنعاء في محاولة لإقناع الحوثيين بالقبول بالخطة التي أعدها المبعوث الأممي السابق إلى اليمن مارتن غريفيث.
النص الحرف للإتفاق السعودي الإيراني:
نشرت وكالة الانباء السعودية( واس) بيانا ثلاثيا مشتركا لكل من المملكة العربية السعودية وإيران والصين، أعلن عودة العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران.
وذكر البيان أن الجانبين اتفقا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001.
وجاء في نص البيان:
“استجابةً لمبادرة كريمة من فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية بدعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبناءً على الاتفاق بين فخامة الرئيس شي جين بينغ وكل من قيادتي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأن تقوم جمهورية الصين الشعبية باستضافة ورعاية المباحثات بين المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورغبة منهما في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والديبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما، والتزاماً منهما لمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية، فقد جرت في الفترة من 6 – 10 مارس 2023م في بكين، مباحثات بين وفدي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية برئاسة معالي الدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني في المملكة العربية السعودية، ومعالي الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقد أعرب الجانبان السعودي والإيراني عن تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021م-2022م، كما أعرب الجانبان عن تقديرهما وشكرهما لقيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها.
وتعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن:
الموافقة على استئناف العلاقات الديبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.
ويتضمن تأكيدهما احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
واتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما
واتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 22/1/1422هـ، الموافق 17/4/2001م والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 2/2/1419هـ الموافق 27/5/1998 م.
وأعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل الجهود كافة لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي