مجتمع

كلودين عون خلال المؤتمر الوزاري الخامس للإتحاد من أجل المتوسط

الشرق برس٢٧ اكتوبر ٢٠٢٢

كلودين عون خلال المؤتمر الوزاري الخامس للإتحاد من أجل المتوسط

حول “تعزيز دور المرأة في المجتمع” في اسبانيا:

” لولا السيدات اللبنانيات اللواتي عملن في الصفوف الأمامية في مواجهة الأزمات على صعيد العمل الإنساني والاجتماعي والصحي لما كان مجتمعنا متماسكاً حتى اليوم.”

شاركت السيّدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في المؤتمر الوزاري الخامس للاتحاد من أجل المتوسط حول “تعزيز دور المرأة في المجتمع” الذي عقد في مدريد إسبانيا، برئاسة مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة الأردنية الهاشمية.

وركّز الإعلان الوزاري الذي تمّ تبنيه خلال المؤتمر، على التمكين الاقتصادي للنساء وعلى وضع حدّ للعنف الممارس ضدّ النساء والفتيات في البلدان الأوروبية وبلدان البحر المتوسط، وسوف يساهم في تحديد الأجندة الإقليمية للسنوات المقبلة ويمهّد بشكل خاص لوضع سياسات لتحقيق مساواة شاملة وفعّالة بين الجنسين ترتكز على مقاربة مراعية للنوع الاجتماعي.

وألقت السيدة عون خلال المؤتمر كلمة لبنان وجاء فيها: “نأتي إليكم اليوم من لبنان، من بلد طالته الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحيّة، ومن وطن انهكته استضافة عدد من النازحين يقارب ثلث عدد سكانه، وعاش أهله تداعيات انفجار مرفأ بيروت المأساوي. من واقعنا هذا ننطلق، لنضيء على دور المرأة الذي لعبته في المرحلة السابقة، وعلى الدور الذي لها أن تلعبه في المستقبل لإدارة التحديات وتذليلها. فلولا السيدات اللبنانيات اللواتي عملن في الصفوف الأمامية في مواجهة الأزمات على صعيد العمل الإنساني والصحي والاجتماعي وعلى صعيد دعم آلاف العائلات الأكثر فقراً من خلال عملهن في قطاعي الطب والتمريض وفي الوزارات والإدارات العامة وفي الجمعيات والمستوصفات والأحزاب السياسية ولجان الأهل في المدارس وغيرها، لما كان مجتمعنا متماسكاً حتى اليوم على الصعيد الاجتماعي والإنساني والأمني.”

وتابعت: “ولكن على الرغم من دورها الجوهري والأساسي في بناء الأوطان، لا يزال صوت المرأة غير معترف به وغير مسموع وغير مقدّر، ولا تزال الإرادة لدى القادة السياسيين بالاستفادة من قدراتها ومن طاقاتها غائبة. وذلك لأن المجتمع، بكل بساطة، لا يعترف بها كمواطنة كاملة الحقوق، وأوّل دليل على ذلك، هو عدم اعتراف المشرع بحقها بنقل جنسيتها إلى أولادها، وهو القانون الأساسي الذي يكرّس مواطنة المرأة الكاملة.”

وعن المرأة في القيادة قالت: “تُختَصَر صفات الإنسان القائد بالتمتع بمستوى عال من المهارات الشخصية والثقة بالنفس والذكاء العاطفي والجاذبية والتعاطف والإصرار وحسن الاستماع. أما المصطلح اللغوي “القيادة النسائية” فنلاحظ أنه لا يمكن ترجمته إلى كلّ اللغات، وغالباً عندما يتمّ استخدام هذا التعبير، يشار إليه من خلال التعبير الانكليزي leadership، وهو ما يدلّ أنّ مفهوم القيادة النسائية هو مفهوم جديد يُحارب الكثير من الترسّبات الفكريّة المتوارثة التي تنظر إلى المرأة على أنّها “الجنس الضعيف” أو “اللطيف” لمحبي التعابير الملطفة.

واليوم لا مكان بيننا للتعابير الملطفة أو الاستعارات الصوريّة. اليوم نحن أمام أرقام وحقائق وبيانات. وإنّ تبيّن لنا شيء من خلال تلك الأرقام، فهو أنه لا يزال يتعين على النساء في عام 2022 خوض معاركهن الخاصة للجلوس في الأماكن التي يستحققن كما لو أنّه يتعيّن عليهنّ أن يبررّن شرعيّة ما، متى تبوأن منصباً معيناً. في نظرة على الأرقام حول العالم يتبيّن لنا أنّ واقع “المرأة في القيادة” مجحف بحقها. في ٦ أيلول ٢٠٢٢ ، كان هناك ٢٨ دولة تشغل فيها ٣٠ امرأة منصب رئيس دولة و / أو حكومة،  و١٣ دولة فقط لديها رئيسة دولة و ١٥ دولة لديها رئيسة حكومة، وحققت ١٤ دولة فقط نسبة ٥٠٪ من النساء اللواتي يشغلن مناصب وزارية. ومرة أخرى، إن الحقائب الخمس الأكثر شيوعًا التي تشغلها الوزيرات هي: الأسرة / الأطفال / الشباب / كبار السن / المعوقون. بالمعدل الحالي ، لن تتحقق المساواة بين الجنسين في أعلى مناصب السلطة قبل ١٣٠ عامًا. الأرقام ليست أفضل على مستوى منظومة الحكم المحلي أو المشاركة البرلمانية. وعلى المستوى الاقتصادي، فإن الأرقام مؤلمة حيث 2.4 مليار امرأة في جميع أنحاء العالم لا يتمتعن بنفس الحقوق الاقتصادية التي يتمتع بها الرجال.”

وأشارت إلى أنّ: “في لبنان كانت المرأة ولا تزال، بفضل التزامها ونشاطها ونضالها ، ضمانة ضد انزلاق البلاد إلى العنف الاجتماعي على الرغم من تشابك وتعددّ الأزمات الخطيرة التي يعاني منها البلد. وهذا ما نطمح أن نراه ينعكس في أعلى مستويات السلطة والحكم. وتبلغ مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية في لبنان ٢٤٪ ، مقابل ٧٦٪ للرجال. علاوة على ذلك ، أدت الحرب في سوريا إلى تفاقم الوضع الهشّ في لبنان من خلال تدفق النازحين بأعداد هي الأعلى في العالم بالنسبة لعدد السكان. إن ذلك أدَّى إلى شحٍ في الموارد الحيويّة واستنزاف للبنى التّحتية للبنان بشكل لا يؤثِر فقط على اقتصاده بل على حياة بناته وأبنائه اليومية. على العكس من ذلك ، فإن القطاع العام في لبنان أكثر مساواة وتمثيلًا على الرغم من وجود مشاكل واضحة تعتريه، لا سيما فيما يتعلق بتعيين النساء في المناصب الرفيعة الأساسية. ففي حين تم تحقيق التكافؤ تقريبًا على المستوى المتوسط للخدمة المدنية، لا يزال الرجال يشغلون مناصب الفئة الأولى (فئة المديرين العامين) الذين يشكلون حوالي 73 ٪ من موظفي القطاع العام المدني من الفئة الأولى. على الرَّغم من أن جهودنا أثمرت في التَّحول الذي طرأَ على الصورة النمطيّة للنساء، إذ أصبح من المألوف أن تكون المرأة شرطيةً أو ضابطةً وحتى وزيرة دفاعٍ، وفي حين ضمَت الحكومة السابقة 30% من النساء، إلّا أن نسبة التَّمثيل النسائي في الحكومة تراجع مؤخراً، لأن التقدّم لم يكن مستداماً وكان مرتبطاً بإرادة رئيس الحكومة والأحزاب السياسية بترشيح نساء، ومتى غابت الإرادة غاب التمثيل وغابت المشارَكة.”

وأعلنت أنه: “انطلاقاً من هذا الواقع، وبهدف زيادة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار، تركّز عملنا  في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في السنوات الماضية وسوف يتركز في المستقبل على:

أولاً: الدفع لاعتماد المجلس النيابي اقتراح تعديل قانون الانتخابات النيابية لتضمينه كوتا نسائية، ولتبنّيه من قبل الأحزاب السياسية، التي أبدتْ دعمها له في العلن، إلا أنها لم تناقشه حتى في مجلس النواب ولم يعتمد حتى اليوم. وتشجيع النساء أنفسهنّ على المشاركة في صنع القرار على الصّعيد البلدي والنيابي وفي الأحزاب السياسية، من خلال تنفيذ برامج لتنمية مهاراتهنَّ ما قبل تبوُء المناصب القِيادية ومرافقتهنّ ودعمهنّ خلال فترة القيادة. كذلك حثّ رؤساء الحكومات والأحزاب السياسية على تسمية نساء للمناصب الوزارية، إضافة إلى إنشاء أكاديمية للمرأة في السياسة وشبكة من النساء القياديَّات، وتكريس دورهِنَّ في المناصرة لقضايا المرأة وفي بناءِ السلام وفي منع نشوب النّزاعات.

ثانياَ: التحضير لاقتراح تعديل قانون الانتخابات البلدية لتضمينه كوتا نسائية.

ثالثاً: اقتراح قانون لمشاركة النساء بنسبة الثًّلث في إدارة مجالس الشركات المساهمة، وهو اليوم في المجلس النيابي.

رابعاً: خلق بيئةٍ مشجّعة للنساء لكي يدخلن سوق العمل، وتأمين فرص متساوية للمرأة لتكون قادرةً على شغل المناصب القيادية من خلال توفير الُقروض لها لتأسيس عمل خاص، وتعديل القوانين المجحفة بحقّهنّ. ومن شأن هذه الخطوات أن تساهم في التَّمكين الاقتصادي للمرأة الذي بدوره يساهم في تمكّن المرأة من إدارة شؤون حياتها وفي انخراطها أكثر في السياسة وفي مواقع صنع القرار. وفي هذا الإطار توصّلنا في العام 2020 إلى إقرار قانون تجريم التحرّش الْجنسي وتأهيل ضحاياه وخصوصاً في أماكن العمل، ونحن بصدد إطلاق سياساتٍ نموذجيّة للقطاعين العام والخاص للوقايةِ مِن التّحرش ولمعاقبة مرتكبيه. كما نسعى لتنظيم قطاع رعاية الأطفال بغية التّخفيف من أعباء الرعاية الأسرية التي تقوم بها عادة النساء، وإتاحة المجال أمامهنّ للمشاركة بنسب أكبر في النشاط الاقتصادي. كذلك تقدمنا باقتراح قانون لرفع مدَة إجازة الأمومة، واستحداث إجازة أبوَة  وإجازةٍ مرضيّة لصغار الأولاد.

خامساً: إنشاء صندوق لدعم النساء عموماً والعمل على تمويل صندوق الناجيات من العنف خصوصاً، وتقديم الخدمات القانونية واللوجستية والمالية والاجتماعية والنَّفسيّة لهنّ.

سادساً: العمل على تحديث المناهج التّربوية لتغيير الصورة النمطية للمرأة، ونشْر ثقافة المساواة بين الفتى والفتاة منذ الصغر، والإضاءة على أهمية مشاركة المرأة والرجل في تحمّل المسؤوليات الأسريّة، وتشجيع الفتيات على خوض المجالات كافّة.

سابعاً: تنظيم القطاعات الاقتصادية غير المنظمة التي تشكّل النساء نسبة كبيرة منها، لكي يحصلن على حقوقهنّ كالحماية الصحية والتقاعد.

ثامناً: العمل على بناء مجتمع دامجٍ يضمّ جميع مكوّناته، يحترم حقوقهِم ويوفّر لهم الْفرص.”

وختمت: “إن الفوارق بين النساء والرجال لا تزال كبيرة، ومع ذلك نحن قادرون على تخطيها. يومًا بعد يوم، نحن مدْعوُون لمواجهة الإجحاف الذي يواجه المرأة والتّغلُب عليه. وهذا هو سبب وجودنا هنا اليوم أيضًا، لأننا نؤمنُ بالمساواة، ولأننا نعلم أننا سنصل جماعياً إلى تحقيق تلك المساواة. لا يزال لبنان منخرطًا في هذه المعركة، ولن يتنازل عن أيٍّ من تلك المبادئ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى