الشرق برس – صحف ١ نيسان ٢٠٢٣
ركزت الصحف الصادرة اليوم على زيارة الوزير السابق سليمان فرنجية إلى باريس كمحطة في أزمة الإستحقاق الرئاسي،لكن الصورة بدت مشوشة بانتظار الحسم الآتي من الخارج،وتحديدا من الرياض.
النهار عنونت: “تعثّر” دعم فرنجية ام “استلحاق” الدور الفرنسي؟
وكتبت صحيفة “النهار” تقول:
مع ان واقع الازمات المتداخلة الذي يضغط بقوة ساحقة على الواقع الداخلي يحتل الأولويات الحارة والاشد الحاحا ويتقدمها، فان جانبا أساسيا من المشهد الداخلي اتجه امس لمعاينة ما تقوم به باريس على صعيد تحريك وساطاتها وجهودها واتصالاتها مع اللبنانيين، كما مع مجموعة الدول المعنية بالوضع في لبنان سعيا الى انهاء ازمة الفراغ الرئاسي فيه. ولقد شكلت حركة توافد بعض الشخصيات السياسة اللبنانية أخيرا لباريس علامة فارقة لجهة انها عكست تحريكا او استقطابا جديدا لمساعي انهاء الازمة الرئاسية بما ترك انطباعات بان ثمة ما يجري تحريكه خارجيا على هذا الصعيد، ولو ان غموضا كثيفا لا يزال يغلف مجمل هذه التحركات ولا تتوافر بعد أي معطيات دقيقة إيجابية حول امكان نجاح أي مسعى فرنسي في خرق جدار الانسداد الذي يحول دون انتخاب رئيس للجمهورية. واذا كانت زيارة المرشح الرئاسي لفريق الثنائي “امل” – “حزب الله” رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لباريس امس بناء على ما وصف بانه دعوة فرنسية ولقائه مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل المتابع لملف لبنان، اثارت الكثير من التساؤلات والتقديرات المتناقضة حيال طبيعة ما ارادت باريس إبلاغه الى فرنجية، في ظل ما كان يتردد عن دعم الفريق الرئاسي الفرنسي لمعادلة انتخاب فرنجية وتسمية السفير السابق نواف سلام رئيسا للوزراء، فانه في موازاة تطلع الأوساط السياسية الداخلية لمعرفة ما اذا كان من جديد لدى الفرنسيين، فان الأبرز من هذا هو التوقف عند هدف باريس من ترك الطابع العلني لوساطتها وتحريكها للملف الرئاسي يأخذ هذا المدى شبه المتعمد، ولو ان أي طرف داخلي او خارجي لا يعترض على دورها، وان كان هذا الدور اصطدم غالبا ومرشح للاصطدام الان بالاخفاق؟ ذلك انه صار من المعلوم تماما ان باريس لم تنجح في اقناع المملكة العربية السعودية وعبرها ضمنا أيضا الولايات المتحدة، في اعتماد خيارها الرئاسي بدعم فرنجية ومعادلة تقديم فرنجية ضمانات لا تثق بها السعودية كحل يقوم على انتخاب الرئيس وتسمية رئيس الوزراء معا. ولذا لم يكن غريبا ان تسود انطباعات حيال ان “العلنية” التي واكبت زيارة فرنجية ولقائه احد المسؤولين الفرنسيين عن الملف اللبناني في الاليزيه تعمدت اظهار الدور الفرنسي اكثر من الدوافع الأخرى في ظروف يحتاج فيها الرئيس الفرنسي لدفع في السياسة الخارجية في وقت تضغط بقوة غير مسبوقة أزمات الداخل الفرنسي عليه، ولكن الجوانب الأكثر أهمية في الحركة الفرنسية تتصل بمسعى باريس الى البقاء ممسكة بخيوط مؤثرة في الازمة اللبنانية في وقت بدأ يعلو منسوب التأثير الذي سيتركه الاتفاق السعودي الإيراني على هذا الملف في مدة لن تكون بعيدة. ومن المستبعد تاليا ان تسفر زيارة فرنجية عن نتائج حاسمة لجهة بلورة الاتجاه النهائي لترشيحه، الا اذا ابلغته باريس صراحة ومباشرة انها ستتوقف عن دعم ترشيحه، وهو الامر الذي ينتظر المعنيون معرفته في الساعات المقبلة، علما ان المرجح ان تكون اكتفت بابلاغه بالموقف السعودي الذي ليس لمصلحته. ولكن مصدرا قريبا من فرنجية افاد مساء امس ان دعوته الى باريس كانت لعرض الوضع من مختلف جوانب الاستحقاق الرئاسي ومن ضمنه العوائق التي تعترض فرصة انتخابه.
وضمن هذا الاطار افيد ان الجانب الفرنسي كان يتفاوض مع السعودية لإيصال فرنجيّة إلى سدّة الرئاسة إلا أنّ الأخيرة لم تُعطِ الضوء الأخضر، واشارت مصادر اخرى الى ان باريس ستبلغ فرنجية بضرورة الانسحاب من السباق الى القصر لتسهيل عملية الانتخاب، لان وصول رئيس طرف الى بعبدا امر شبه مستحيل. وافيد ايضا ان “حزب الله” وضع في اجواء الزيارة في ظل تواصل غير مباشر معه في هذا الملف، وانه يؤيد الاخراج الفرنسي لتجنب الاحراج.
… بعد جنبلاط
وجاءت زيارة فرنجية لباريس بعد حركة مكوكية تولاها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي #وليد جنبلاط أوفد خلالها النائبين تيمور جنبلاط ووائل أبو فاعور إلى السعودية، وزار برفقة النائب هادي أبو الحسن الكويت، ثم توج جنبلاط الجولة الخارجية بزيارة لباريس برفقة النائبين مروان حمادة وأبو فاعور، وكان محورها الاستحقاق الرئاسي وتأثير التقارب السعودي – الإيراني على لبنان.
وكشفت مصادر التقدمي عبر “النهار” ان الهدف الأساسي من جولة جنبلاط، وتحديداً زيارته لفرنسا نقل وجهة نظر لبنانية تتحدّث عن صعوبة وصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة، لأنه محسوب على طرف، وان الاصرار عليه سيُبقي البلاد في حالة من الانقسام والفراغ، خصوصاً في ظل رفض القوى المسيحية الأساسية له . ولفتت إلى أن جنبلاط تمنّى أمام الفرنسيين تحقيق توافقٍ حول شخصية أخرى وسطية، ذات طابع مالي – اقتصادي، إلّا أنّه لم يتبلّغ من الفرنسيين أي موقف حاسم في هذا السياق، علماً أن فرنسا لم تتخذ القرار النهائي. واشارت المصادر نفسها إلى أن فرنسا تعمل على الملف اللبناني بتكليف وتنسيق مع الأميركيين والسعوديين، وليس بعكس توجهاتهم .
ورداً على أجواء سياسية تحدّثت عن استدعاء فرنجية إلى باريس لإبلاغه وقف دعمه في السباق الرئاسي، بعدما نقل جنبلاط هذه الأجواء الرافضة له في لبنان إلى فرنسا، قالت مصادر التقدمي “لا معلومات دقيقة حول هذا الموضوع، قد يكون صحيحاً استنتاج فرنسا عدم قدرة وصول فرنجية إلى بعبدا نتيجة المعارضة الواسعة التي يواجهها، لكن لا نقول إن جنبلاط “شوّش” على فرنجية، وعلى المقلب الآخر، ثمّة معلومات تتحدّث عن استدعاء فرنجية للحصول على ضمانات رئاسية، وبالتالي ثمّة تضارب بانتظار نتائج الزيارة التي يقوم بها رئيس تيار “المردة”.
وفيما يزور موفد قطري لبنان الاسبوع الطالع للبحث ايضا في الملف الرئاسي أوضح امس عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري “ينتظر نتائج الاتصالات الداخلية والإقليمية والدولية التّي تكثفت في الآونة الأخيرة ليبنى على الشيء مقتضاه في ما خص الاستحقاق الرئاسي”. وأشار الى أن “الرّئيس بري لم يتوان عن تلقف أي إيجابية وهو الذي دعا الى نقاش وحوار بين الافرقاء”. وجدّد التأكيد أن “بري سيدعو الى جلسة لانتخاب الرئيس عندما يرى أن هناك إمكانا أن تكون الجلسة مثمرة”، نافياً “ما يتداول ان هدف الحوار هو فرض اسم على الاخرين”، وقال “ان التوافق يكون بطرح سلة أسماء أو مواصفات”.
الرواتب… واوجيرو
هذا المشهد السياسي لم يحجب تداعيات الازمات الاجتماعية المتصاعدة من مالية وخدماتية. في السياق المالي وبعدما وافقت وزارة المال على تحمّل جزء من الفارق بالدولار بين سعر منصة “صيرفة” الـ 60 والـ 90 ألف ليرة من الإيرادات التي تجنيها بالدولار، علم أن وزير المال يوسف الخليل أبلغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تحويل رواتب الموظفين والمتقاعدين والعسكريين في القطاع العام والأساتذة في التعليم الرسمي وأساتذة الجامعة اللبنانية على سعر “صيرفة” 60 ألف ليرة للدولار لرواتب هذا الشهر. على أن يكون تسديد الرواتب قد بدأ امس ويستكمل الاثنين.
اما في ازمة اضراب موظفي اوجيرو وتداعياته فأوضح امس مدير عام هيئة “#أوجيرو” عماد كريديّة أن “مفاتيح أوجيرو لا تزال في جيبي، والضجّة المثارة حول الإنترنت جرى تضخيمها، والمراكز المتوقّفة هي 6 من أصل 404”.ولفت كريدية عبر”النهار” إلى أن “توقّف الإنترنت ليس عاما ومن حق الموظفين الإضراب”.
الأخبار عنونت: جنبلاط يخضع لتيمور ويطلب من باريس سحب اقتراح المقايضة: العقدة السعودية مستمرة واللقاء الخماسي إلى الرياض
كتبت صحيفة “الأخبار” تقول:
علمت «الأخبار» أن مصر بدأت اتصالات مع عدد من الدول المعنية لإعادة إحياء عمل مجموعة اللقاء الخماسي بعدما تبين أن نتائج الجولة الأخيرة من اللقاءات، والتي عُقدت في العاصمة الفرنسية في شباط الماضي، كانت سيئة للغاية. إذ انتهت، بحسب مصادر متابعة، إلى مواجهة عاصفة بين الجانبين السعودي والفرنسي، أدّت إلى مغادرة رئيس الوفد السعودي نزار العلولا القاعة غاضباً، ومعه السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، بعدما وصل النقاش إلى طريق مسدود مع الحاضرين، خصوصاً الجانب الفرنسي الذي كان يصرّ على طرح مبادرة توافقية تمنع الانفجار في لبنان، وتفتح الباب أمام إعادة الرعاية الخارجية وتوفير الدعم الضروري لمنع انهيار البلد.
وتؤكّد المصادر أن الجانب السعودي لا يزال يتعامل مع الساحة اللبنانية على أنها معقل أبرز خصومه، وأن لبنان هو المكان الذي يمكن أن تواجه الرياض فيه حزب الله، كونه «مصدر صداع للسعودية في اليمن والعراق وسوريا إضافة إلى لبنان». ونقل معنيون عن تقارير ديبلوماسية أن العلولا قال بصوت مرتفع: «لن نتعامل مع لبنان إذا بقي على مساره الحالي، ولن يلزمنا أحد بتقديم أي دعم سياسي أو مالي في حال جاء إلى الحكم أشخاص لا يقفون في مواجهة حزب الله»، في مقابل الرأي الفرنسي القائل إن «أي رئيس مواجهة يعني استمرار الفراغ، وأن حزب الله قوة رئيسية في البلاد ولا يمكن عزله».
وأشار المعنيون إلى أن الجانب المصري شعر بأن الأجواء العاصفة التي انتهى إليها الاجتماع تجعل إعادة عقده في باريس صعباً، لذلك فكّرت القاهرة بمبادرة تفتح الطريق أمام عقده في الرياض. وقد أثار المصريون الأمر مع أطراف عدة، وتحدثوا عن إمكانية أن يبادروا إلى التواصل مع الجانب الإيراني لتسهيل الأمور. علماً أن القاهرة تعطي إشارات إلى رغبة في تواصل أكثر حرارة مع حزب الله في بيروت، لكنها تعتبر أن الموقف النهائي يبقى مرتبطاً بالموقف السعودي.
جنبلاط يتشدد
وقبل أن يصل رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى باريس، للقاء المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل، كانَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد عاد إلى بيروت بعدما التقى مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار إيميه. وأكّد مطّلعون أن زيارة جنبلاط أتت «في سياق إقناع باريس بالتراجع عن مشروع المقايضة بين فرنجية في رئاسة الجمهورية ونواف سلام في رئاسة الحكومة، أو أي مقايضة تحمِل فرنجية إلى بعبدا». ونقل هؤلاء عن جنبلاط أنه كانَ حريصاً على «التشديد أمام الفرنسيين بأن انتخاب فرنجية أمر صعب، خصوصاً في غياب الموافقة السعودية»، وأنه حتى لو وافقت المملكة «سيبقى الأمر صعباً بسبب موقف الكتل المسيحية منه». وأضافوا أن الزعيم الاشتراكي «جنبلاط طلب بصراحة من الفرنسيين التخلي عن هذه المقايضة وعن محاولة إقناع السعوديين بالسير بها»، و«الانتقال بالبحث إلى مكان آخر للخروج من هذه المراوحة التي لن تصِل إلى أي مكان». وأوضح جنبلاط أنه «في مقابل إصرار ثنائي حزب الله وحركة أمل على دعم ترشيحه، فإن الكتل المسيحية وتحديداً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لا تزال عند موقفها المتصلب بالرفض، وتتقاطع في ذلك مع الموقف السعودي، بالتالي يتعين على باريس أن تتراجع عن هذا الدعم وتبدأ بالبحث عن شكل جديد للتسوية، ما لم يحصل ما يدفع هذه القوى إلى تغيير مواقفها».
وأكدت المصادر أن «واحداً من الأسباب التي تدفع جنبلاط إلى ثني الفرنسيين عن دعم فرنجية هو المشكلة التي تواجهه داخل الحزب، وخصوصاً مع نجله النائب تيمور»، إذ إن «الخلاف بينهما على الملف الرئاسي كبير، وقد أبلغ جنبلاط الابن والده بأنه لن يصوّت لفرنجية بأي شكل من الأشكال، انسجاماً مع موقف القاعدة الشعبية»، وهذا التعارض هو «ما أجبر جنبلاط على التراجع عن الوعد الذي قطعه لرئيس مجلس النواب نبيه بري بالتفكير بالأمر».
في المقابل، أكّدت مصادر ديبلوماسية لـ«الأخبار» أن الموقف الفرنسي لا يزال نفسه، وأن باريس تتصرف على قاعدة أن «هناك متسعاً من الوقت لاستكمال النقاش مع السعودية في الأسابيع المقبلة، وإقناع المملكة بالسير في التسوية». وفيما يدور حديث عن مساعٍ تقوم بها القاهرة للترويج لما طرحته في لقاء باريس لعقد لقاء للقوى اللبنانية على غرار مؤتمر الدوحة، تترقب بيروت ما سيحمله وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري محمد بن عبد العزيز الخليفي الذي يصل إلى لبنان الأسبوع المقبل بعد زيارة قام بها لطهران.
الجمهورية عنونت: لقاء باريس ترحيب وتشويش.. لبنان على مفترق التفاهمات والتسويات والاعتراضات
وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
هزّت الصدمة الفرنسية التي تجلّت بدعوة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى زيارة باريس، الداخل اللبناني من أدناه إلى اقصاه، وحرّكت المخيلات لصياغة تحليلات وسيناريوهات متناقضة، عكست حجم الإرباك الذي اجتاح البلد من اللحظة التي ظُهِّرت فيها الدعوة إلى الاعلام.
بالتأكيد أنّ هذه الدعوة أثلجت قلوب داعمي فرنجيّة ودغدغت آمالهم في إمكان ان تؤسس زيارته باريس لوصوله إلى رئاسة الجمهورية، فيما فعلت هذه الدعوة فعلها في المقلب الآخر، حيث أنّها سقطت حجراً ثقيلاً جداً على قلوب الساعين إلى قطع طريقه إلى القصر الجمهوري، وعززت مخاوف هؤلاء من أن تكون خيوط التسوية الرئاسية تُنسج بمعزل عنهم. وفي موازاة هاتين الضفتين، شعب منكوب ينتظر لحظة الفرج الرئاسي بفارغ الصبر، باعتبارها لحظة انتقالية من واقعه المرير، إلى واقع يؤسس لعودة البلد إلى حيز الوجود من جديد.
عملياً، وضعت زيارة فرنجية إلى باريس لبنان على المفترق بين الانفراج والانفجار، فبقدر ما الزيارة مهمّة كونها تحدّد المسار النهائي للملف الرئاسي، فإنّ الأهم هو ما سيؤول اليه المشهد الداخلي، ربطاً بالنتائج التي ستنتهي اليها محادثاته مع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل. وحتى ذلك الحين، فإنّ الداخل بكل مكوناته، جلس على مقعد انتظار ما ستحمله الرياح الفرنسية، سواء أكانت تباشير انفراج، ما يعني انتخاب رئيس الجمهورية أصبح محسوماً في غضون ايام قليلة، او كانت نُذر تشاؤم واشتباك، تحضّر البلد لمرحلة مفتوحة على كل التداعيات السلبية والمنزلقات الصعبة.
لقاء .. وتشويش
في الداخل، وفيما كانت كل الأنظار مشدودة في الاتجاه الفرنسي، رصداً لنتائج محادثات فرنجية- دوريل التي جرت في قصر الايليزيه أمس، فإنّ الصورة ظلّت غامضة، ولم تبرز اي معطيات حول ما دار فيها، وما إذا كانت ثمة جولة ثانية من المحادثات ستُعقد، او ما إذا كان فرنجية سيلتقي مستويات سياسية فرنسية اخرى (تحدثت مصادر اعلامية عن لقاء بين فرنجية والرئيس الفرنسي ايمانويل اكرون)، لوحظ دخول بعض الماكينات على خط الزيارة، والتشويش المسبق على نتائجها، ومحاولة إدراجها في خانة الإبلاغ الفرنسي لرئيس تيار «المردة» بانعدام حظوظه الرئاسية، وانّ عليه ان ينسحب من المعركة الرئاسية.
على انّ اللافت وسط هذا الغموض، هو انّ المناخ العام المواكب للحدث الفرنسي يميل إلى الايجابية اكثر منه إلى السلبية. وشدّدت مصادر قريبة من فرنجية لـ»الجمهورية»، انّه «بمعزل عن الزيارة إلى باريس وعن اي لقاء، فإنّ المعنويات دائماً عالية، ومن الأساس نحن متفائلون».
ورداً على سؤال قالت المصادر، انّها «لا تردّ على تشويشات لا قيمة لها وكذلك على الافتراءات التي تتواصل بطريقة متعمّدة، ولا على سيناريوهات وهمية من وحي الخيال، لأنّ كل ذلك سيسقط عند لحظة الحقيقة». ولم تتطرّق هذه المصادر إلى محادثات باريس من قريب او بعيد.
قبل .. وبعد
إلى ذلك، قاربت مصادر ثنائي حركة «امل» و«حزب الله» ما استُجد على الخط الفرنسي واستضافة فرنجية في باريس، بإيجابية ملحوظة، وقالت لـ«الجمهورية»: «يبدو انّ الملف اللبناني أُعطي زخماً وجدّية اكبر من قِبل كل اللاعبين الأساسيين على حلبته، وخصوصاً من الفرنسيين، الذين يُعتبرون أشدّ الراغبين للتسريع في انتخاب رئيس للجمهورية. ومع هذا الزخم المتجدّد الذي يؤمل ان يكون مثمراً، فإنّه مع النتائج المثمرة، لن يكون مُستبعداً ان يولد للبنان رئيس للجمهورية ضمن مهلة أقصاها بعد الأعياد مباشرة، او ربما قبلها».
مسعى سريع
في هذا الوقت، أعرب مصدر ديبلوماسي من باريس لـ«الجمهورية»، عن ثقته في ان تثمر حركة الاتصالات الجارية حول الملف الرئاسي في لبنان ايجابيات حاسمة، تمكّن اللبنانيين من التوافق على رئيس للجمهورية.
ورداً على سؤال حول ما بدا انّه تزخيم ملحوظ لحركة المشاورات والاتصالات حول لبنان، قال المصدر الديبلوماسي: «ملف الرئاسة في لبنان يناقش منذ فترة اشهر بين الدول الصديقة للبنان، والاجتماعات المتتالية التي عُقدت في باريس خلال الشهرين الاخيرين، استطيع ان اقول انّها أسست لما أعتبره «مسعى سريعاً جداً» حيال الملف اللبناني».
وعمّن هي اطراف هذا المسعى وإلامَ يرمي، قال المصدر: «اقول كل اصدقاء لبنان، اطراف في هذا المسعى، ولا استثني احداً، لكن فرنسا ومعها السعودية هما الطرف المباشر في الخط الامامي، واما الغاية من هذا المسعى، فهي جعل الانتخابات الرئاسية في لبنان امراً واقعاً».
وعن الموقف الاميركي، قال المصدر: «الحراك الفرنسي ليس منعزلاً ابداً عن موقف الولايات المتحدة الاميركية التي ترغب في تعاون اللبنانيين وتعجيلهم في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحات، وهذا ما تشاركها فيه فرنسا مئة في المئة..».
ورداً على سؤال حول محادثات رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في باريس، قال المصدر: «لا توجد حتى الآن أي معطيات دقيقة. ولا اريد ان ادخل مسبقاً في اي فرضيات حتى ولو كانت قريبة من الواقع. الّا انني اؤكّد أنني ومنذ ما قبل هذا الحدث (زيارة فرنجية إلى باريس)، بدأت أشعر بشيء من التفاؤل حيال إمكان حسم وشيك للملف الرئاسي اللبناني. وبناءً على هذا التفاؤل اتمنى ان نشهد رئيساً للبنان في القريب العاجل، وهذا ما تعمل ادارة الرئيس ايمانويل ماكرون على تحقيقه».
وإذ لفت المصدر عينه إلى انّ حظوظ التسوية كبيرة، إلاّ انّه ليس قلقاً حيال اي تسوية يمكن بلوغها، سوى من الداخل اللبناني، الذي يخشى منه ان يحاول ان يحبط أي مسعى او تسوية، اكثر من أي عامل خارجي.
وماذا لو خذل القادة السياسيون في لبنان التسوية الرئاسية التي يُعمل عليها، قال المصدر الديبلوماسي من باريس: «فرنسا واصدقاؤها جميعهم، عازمون على انتزاع رئاسة الجمهورية في لبنان من أيدي المعطّلين، والمضي في مساعدة اللبنانيين على إعادة تكوين سلطاته الدستورية والتنفيذية والادارية».
فترة السماح انتهت
وسألت «الجمهورية» سفيراً عربياً على صلة بالاجتماع الخماسي في باريس، فأعرب عن اعتقاده في أنّ الجهود المبذولة من الدول المعنية بملف لبنان، ستصبّ إن شاء الله في المكان الذي تتحقق فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وانا اقترب من اليقين من أنّه سيكون للبنان رئيس للجمهورية في وقت ليس بعيداً.
ورداً على سؤال حول المرشحين لرئاسة الجمهورية، قال السفير العربي: «نحن مع انتخاب رئيس للجمهورية ولا توجد لدينا أي تحفظات حول اي مرشح، بل على العكس لدينا صداقات مع الجميع، وما نتمناه هو ان ينتبه السياسيون في لبنان إلى مصلحة بلدهم. وخصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد فيها المنطقة خطوات بالغة الأهمية تؤسس لحقبة جديدة في العلاقات الايجابية بين دول المنطقة، ونحن من جهتنا لا نرى لبنان خارج هذه التطورات او منعزل عنها».
رئيس قبل القمة!
وفيما قرأت مصادر سياسية واسعة الاطلاع في الحراك الفرنسي- السعودي المشترك، وكذلك الخطوة الفرنسية، باستضافة الوزير فرنجية، ما وصفتها بـ»الايجابيات النظرية حتى الآن»، تؤشر إلى انّ فترة السماح الدولية قد استنفدت، وبات من الضروري الانتقال إلى الجدّ وإصعاد اللبنانيين في مركب النجاة وانزالهم من مركب الأزمة والتناحر المتواصل على أتفه تفصيل، وهذه الايجابيات يفترض ان تُستكمل لتُترجم على ارض الواقع»، اعرب مرجع مسؤول عن ارتياحه للتطورات المتلاحقة حول الملف الرئاسي، والتي تعزز الأمل في إنجاز الملف الرئاسي في المدى المنظور.
ورداً على سؤال لـ«الجمهورية» عمّا يتردّد عن انّ انتخاب رئيس الجمهورية بات مسألة اسابيع قليلة، قال المرجع: «كل شيء وارد، وخصوصاً انّ حدثاً مهمّاً منتظراً الشهر المقبل، ويتمثل بالقمة العربية التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية. والواضح انّ ثمة جهوداً حثيثة تُبذل لكي تكون هذه القمة كاملة النصاب وحاضنة لكل الزعماء العرب بمن فيهم لبنان. فهل يجوز ان تُعقد القمة بلا لبنان، وبلا ان يكون ممثلاً برئيس الجمهورية؟».
ولفت المرجع إلى ما يعزز الايجابية في انتخاب وشيك لرئيس الجمهورية هو الحراك المكثف الفرنسي- السعودي، وكذلك الموقف الاميركي، الذي اعادت تأكيده مساعدة وزير الخارجية الاميركية بابرا ليف، حيث انّ ما قالته يجب أن يُقرأ بتأنٍ وتمعن، سواء لناحية الحاجة الملحّة للبنان لانتخاب رئيس للجمهورية دون ان تتوقف عند اسماء المرشحين، او لناحية إشارتها المباشرة إلى انّ الارتدادات الايجابية ستلفح لبنان من الاتفاق السعودي- الايراني.
لا للفرض
بدورها، قالت مصادر معارضة لـ«الجمهورية»: «انّ أي جهد خارجي مرحّب به كعامل مساعد لإنجاز الملف الرئاسي، بما يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يحقق تطلعات اللبنانيين وتوقهم إلى الدخول في حقبة جديدة، لا دور فيها ولا تحكّم للمنظومة التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه من خراب». الّا انّ المصادر عينها، أعربت عن رفضها القاطع لأي تسوية تعيد استنساخ مسببات الأزمة، عبر فرض رئيس للجمهورية خلافاً لإرادة اللبنانيين. «فهذا امر نرفضه، ولن يكون أمامنا سوى ان نواجه هذا المنحى وصولاً إلى انتخاب رئيس تغييري من خارج كل السياقات السابقة».
قاسم: ترف الوقت
إلى ذلك، قال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، امس، «انّ لبنان لا يحتمل ترف الوقت لتكبير الحَجر بالحديث عن تغيير النظام أو تعديل الطائف كأولوية. فلننجز الاستحقاقات الداهمة وبعدها يطرح من يريد إجراء تعديلات وفق الأطر الدستورية».
أضاف: «عنتريات الرفض والقبول لا تقدّم حلاً، إجمع عدداً كافيا من النواب حول خيارك، فإذا نجحت يكون الرئيس الذي تريد، وإذا فشلت فالرئيس الذي يختاره المجلس النيابي هو رئيس كل لبنان. توجد قوى أولويتها أن تتحكّم بالبلد من خلال الرئيس وإلّا فبديلها الفراغ»
وختم: «الناس ستحاسب المسؤولين عن إطالة الفراغ في صناديق الاقتراع».
ستريدا جعجع: البلديات
وعلى صعيد الانتخابات البلدية التي يلوح في أفقها شبح التعطيل والتأجيل، قالت النائبة ستريدا جعجع، انّ «البلديّة قاعدة الهرم في تركيبة الدولة، وهناك من يريد هذه القاعدة ألّا تكون صلبة متينة، لأنّه أساساً لا يريد بناء دولة قادرة وقويّة في لبنان، هذا فضلاً عن الذين يريدون الهروب إلى الأمام من مواجهة شرّ أفعالهم في صندوق الانتخابات البلديّة أو مواجهة حقيقة أحجامهم».
وطالبت الحكومة «ببدء العمل فوراً للتحضير من أجل إجراء هذا الاستحقاق»، منوّهة في هذا الإطار «بعمل وزير الداخليّة والبلديات القاضي بسام مولوي، الذي لا يوفّر جهداً من أجل إتمام هذا الاستحقاق، والجميع يعلم بأنّه يواجه العراقيل، وهناك من يقف متفرجاً ولا يمدّ له يد العون من أجل تخطّيها، كما هناك من يقوم أصلاً بوضع هذه العراقيل بوجهه». كما طالبت «المجتمع الدولي بمساعدة لبنان من أجل أن يتمكن من إجراء هذا الاستحقاق».